وفقدت يا وطنى البكارة
لم يكترث أحد
وسجلت الجريمة ضد مجهول
وأرخيت الستارة
نسيت قبائلنا أظافرها
تشابهت الأنوثة والذكورة فى وظائفها
تحولت الخيول الى حجارة
لم تبق للأمواس فائدة
ولا للقتل فائدة
فإن اللحم قد فقد الإثارة
دخلوا علينا
كان عنترة يبيع حصانه بلفافتى تبغ
وقمصان مشجرة
ومعجون جديد للحلاقة
كان عنترة يبيع الجاهلية
دخلوا علينا
كان إخوان القتيلة يشربون ( الجن ) بالليمون
يصطافون فى لبنان
يرتاحون فى أسوان
يبتاعون من ( خان الخليلى ) الخواتم
والأساور
والعيون الفاطمية
مازال يكتب شعره العذرى قيس
واليهود تسللوا لفراش ليلى العامرية
حتى كلاب الحى لم تنبح
ولم تطلق على الزانى رصاصة بندقية
لا يسلم الشرف الرفيع !!
ونحن ضاجعنا الغزاة ثلاث مرات
وضيعنا العفاف ثلاث مرات
وشيعنا المروءة بالمراسم
والطقوس العسكرية
لا يسلم الشرف الرفيع !!
ونحن غيرنا شهادتنا
وأنكرنا علاقتنا
وأحرقنا ملفات القضية
الشمس تشرق مرة أخرى ...
وعمال النظافة يجمعون أصابع الموتى
وألعاب الصغار
الشمس تشرق مرة أخرى ...
وذاكرة المدائن
مثل ذاكرة البغايا والبحار
الشمس تشرق مرة أخرى ...
وتمتلىء المقاهى مرة أخرى ..
ويحتدم الحوار
إن الجريمة عاطفية
إن النساء جميعهن مغامرات
والشريعة عندنا ضد الضحية
يا سادتى :
إن المخطط كله من صنع أمريكا
وبترول الخليج هو الأساس
وكل ما يبقى أمور جانبية
ملعونة أم السياسة
نحن نحب ( أزنافور )
والويسكى بالثلج المكسر
والعطور الأجنبية
إن النساء بنصف عقل
والشريعة عندنا ضد الضحية
العالم العربى يبلع حبة ( البث المباشر )
( يا عينى ع الصبر يا عينى عليه )
والعالم العربى يضحك لليهود القادمين اليه
من تحت الأظافر
يأتى حزيران ويذهب
والفرزدق يغرز السكين فى رئتى جرير
والعالم العربى شطرنج ...
وأحجار مبعثرة ...
وأوراق تطير
والخيل عطشى
والقبائل تستجار ... فلا تجير
( الناطق الرسمى يعلن أنه فى الساعة الأولى وخمس دقائق
شرب اليهود الشاى فى بيروت
وارتاحوا قليلا فى فنادقها
وعادوا للمراكب سالمين )
لا شىء مثل ( الجن ) بالليمون فى زمن الحروب
وأجمل الأثداء فى اللمس
الملىء المستدير
( الناطق الرسمى يعلن أنهم طافوا بأسواق المدينة
واشتروا صحفا وتفاحا
وكانوا يرقصون الجيرك فى جنون
ويغتالون كل الراقصين )
إن السويديات أحسن من يمارسن الهوى
والجنس فى ستوكهولم يشرب كالنبيذ على الموائد
الجنس يقرأ فى السويد مع الجرائد
( الناطق الرسمى يعلن فى بلاغ لاحق
أن اليهود تزوجوا زوجاتنا
ومضوا بهن ...
فبالرفاة وبالبنين )
العالم العربى غانية
تنام على وسادة ياسمين
فالحرب من تقدير رب العالمين
والسلم من تقدير رب العالمين
قررت يا وطنى اغتيالك بالسفر
وحجزت تذكرتى
وودعت السنابل ...
والجداول ...
والشجر
وأخذت فى جيبى تصاوير الحقول
أخذت إمضاء القمر
وأخذت وجه حبيبتى
أخذت رائحة المطر
قلبى عليك ...
وأنت يا وطنى تنام على حجر
يا أيها الوطن المسافر
فى الخطابة ...
والقصائد ...
والنصوص المسرحية
يا أيها الوطن المصور
فى بطاقات السياحة ...
والخرائط ...
والأغانى المدرسية
يا أيها الوطن المحاصر
بين أسنان الخلافة ...
والوراثة ...
والإمارة
وجميع أسماء التعجب والاشارة
يا أيها الوطن الذى شعراؤه
يضعون - كى يرضوا السلاطين -
الرموش المستعارة
يا سيدى الجمهور ...
إنى مستقيل
إن الرواية لا تناسبنى
وأثوابى مرقعة
ودورى مستحيل
لم يبق للإخراج فائدة
ولا لمكبرات الصوت فائدة
ولا للشعر فائدة
وأوزان الخليل
يا سيدى الجمهور ...
سامحنى
إذا ضيعت ذاكرتى
وضيعت الكتابة والأصابع
ونسيت أسماء الشوارع
إنى قتلتك أيها الوطن الممدد
فوق أختام البريد
وفوق أوراق الطوابع
وذبحت خيلى المضربات عن الصهيل
إنى قتلتك ...
واكتشفت بأننى كنت القتيل
يا سيدى الجمهور ...
سامحنى
فدور مهرج السلطان .... دور مستحيل
للاستماع إلى القصيدة بصوت نزار قباني :
اشترك الآن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق